لماذا كل هذا ياحكومة مصر؟؟

لا أدري ما الذي جرى للشقيقة مصر، فبدلاً من أن تقف موقفاً مشرفاً في هذه المسألة الإنسانية نجدها شريكاً (لإسرائيل) في تشديد الحصار على الغزيين، فتارة تغلق المنفذ الوحيد لقطاع غزة،معبر رفح البري والبحري في وجه المسافرين من الفلسطينيين، وتارة تشيد جداراً فولاذياً كهرومائياً لتطوق قطاع غزة من تحت الأرض كما هو مطوق ومغلق تماماً من فوق الأرض، وتارة أخرى تمنع

المساعدات الإنسانية الطارئة التي تجلبها هيئات ونقابات أهلية خيرية من أنحاء العالم لإغاثة أهالي القطاع المحاصرين منذ أربعة أعوام على التوالي. مئات الأشخاص من شخصيات اعتبارية سياسة وبرلمانية ومدنية عربية وغير عربية مسلمة ومسيحية ويهودية سواء كانت تركية أو أوروبية أو أمريكية وغيرهم الكثير من الجنسيات المختلفة من جميع أنحاء العالم تركوا كل ما يملكون وضحوا بكل غالٍ ورخيص وخاطروا على أنفسهم وحياتهم من أجل القدوم إلى غزة المنكوبة بالحصار والعدوان والفقر والجوع والمهيأة لحدوث فيها كارثة إنسانية لا سابقة لها في التاريخ البشري، لما لمسوه من معاناة مليون ونصف المليون غزي الذي يتعرضون للموت السريري بسبب الحصار الخانق المفروض على قطاع لا تتجاوز مساحته مئات الكيلو مترات. جاءوا يمدون بشريان للحياة لعل ضمائر السياسيين تستيقظ لتفك الحصار عن هذا الشعب المغلوب على أمره في قطاع غزة.

ليس هذه المرة الأولى التي تمنع وتعرقل الحكومة المصرية قدوم القوافل الإغاثية إلى قطاع غزة فقد سبق لها أن منعت قافلة ابتسامات من الأمل وروح الحياة وشريان الحياة 1 و2 وهذه المرة تعرقل وصول قافلة الإغاثة الإنسانية شريان الحياة 3 إلى قطاع غزة، والتي كان مقرراً لها الوصول حسب خطة سيرها بتزامن الحرب الإسرائيلية الشرسة بما عرف بـ"الرصاص المسكوب" في رأس السنة، تحت حجج غير منطقية ولا مبرر لها إطلاقاً عند الحديث عن مأساة إنسانية قد حلت بشعب شقيق، الذي لم يُسيء يوما للسيادة المصرية. ثم ما علاقة السيادة التي تخضع للاملاءات الصهيوأمركية بالمساعدات الإنسانية وما علاقتها بالأمن القومي المصري الذي يتحدثون عنه؟!!! الواضح من هذا هو الشيء بعينه تشديد الحصار ليس إلا!!!

فالحصار المفروض على أهالي قطاع غزة هو في الحقيقة عربياً قبل أن يكون صهيونياً فقد شهدنا أول المعيقات التي وضعتها الشقيقة مصر لمنع وصول القافلة إلى غزة بأسرع وقت ممكن وذلك بالاتجاه من ميناء العقبة الأردني نحو ميناء نويبع اختصاراً للوقت والجهد والتكاليف بعد أن قطعت القافلة شوطاً طويلاً من المعاناة للوصول إلى هذا المرفأ، إلا أن الحكومة المصرية سارعت بالتحذير والوعيد بمنع القافلة من الوصول إلى ميناء نويبع ووضعت شروطاً تعجيزية حالت دون وصولها، رغم ذلك فقد أصغت القافلة للمطالب المصرية بالعودة من حيث أتت بلف نصف الكرة الأرضية وصولا إلى ميناء اللاذقية السوري للانطلاق باتجاه ميناء العريش المصري، وبطبيعة الحال تطلب الأمر أياماً من السفر الشاق والتكاليف المادية والتعب والعناء المهلك جسدياً لرواد القافلة.

لكن ما حدث أن الهدف ليس كما كان معلناً من قبل الحكومة المصرية وهو أن ميناء نويبع لم يكن مهيئاً لاستقبال القافلة وإلى آخره من الحجج غير المنطقية بل الهدف هو عرقلة ومنع القافلة بأي ثمن من التوجه إلى القطاع والشيء الأسوأ أن الحكومة المصرية تدعي عبر وسائل الإعلام أنهم لا يمانعون وصول القافلة إلى القطاع ولكنهم في الوقت ذاته يأمرون وعبر أجهزتهم الأمنية عدم نقل شاحنات المساعدات إلى العريش للوصول إلى معبر رفح بهدف تحويلها إلى المعابر المسؤولة عنها (إسرائيل)، لكي تزيد من معاناتهم بالتأخير والمماطلة وربما حجز القافلة أو مصادرتها. والحجة كما تعرفون أن معبر رفح مخصص فقط للمسافرين، والسؤال المحير فعلاً للعقول، لماذا أصرت إذن الحكومة المصرية على قدوم القافلة إلى ميناء العريش والآن حاولت منع وصولها إلى القطاع عبر معبر رفح؟!!! أليس هذه المسألة متناقضة مع ما صرح به أبو الغيط قبل أيام بأن معبر رفح سيفتح ثلاثة أيام لدخول القافلة؟!!! أليس هذا متناقضاً مع ما حدث للقافلة في ميناء العريش من اعتداء قوات الأمن المصري عليها ومصادرة كثيراً من السيارات وعلى رأسها سيارة رئيس القافلة جورج جالاوي؟!!! لم أجد إلا جواباً واحداً وهو أن الحكومة المصرية وبهذه الممارسات ووضعها للعراقيل تشارك بشكل واضح وصريح وعلني في محاصرة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة!!

أين هي النخوة العربية والإسلامية يا أشقاءنا المصرين؟ كيف تقبلون على أنفسكم أن يُذبح ويُجوع ويُحاصر الشعب الفلسطيني الشقيق وأنتم شركاء في المؤامرة؟!! المعروف عن الشعب المصري الشقيق على مدار التاريخ أنه شعب حر يحب تحرر الشعوب العربية من الاحتلال والحصار، لذلك ندعو الأشقاء المصريين شعباً وحكومة إلى التوقف عن المراهنة على الدعم الأمريكي الإسرائيلي لها بالاستمرار في هذه المهزلة والتوقف عن المهاترات بالدفاع عن أمنها القومي فلا أحد من أبناء الشعب الفلسطيني بصفة خاصة والعربي بصفة عامة يرضى أن تمس مصر بسوء. الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لا يطلب منكم إلا فتح معبر رفح لإدخال المساعدات الإنسانية من مأكل ومشرب ودواء وعربات الإسعاف والأجهزة الطبية لمعالجة جرحى الحرب والعدوان ومساعدة منكوبي الحصار. الأمر فعلاً غريب ولا يصدقه العقل إطلاقاً، فبدلاً من مساندة وشكر القوافل القادمة لإغاثة أشقائكم في قطاع غزة المحاصرين تنهالون عليهم بالضرب والاعتقال ومنعهم من إتمام مهامهم. لماذا كل هذا ياحكومة مصر.. ماذا فعل بكم أهل غزة.. هل يستحقون منكم كل هذا؟؟!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.