لماذا يكشفون فضائح التعذيب


وليد الزبيدي 
في كل مرة، يكشف فيها الأميركيون عن تعذيب يجري بحق العراقيين في سجون سرية، يحاولون من خلال ذلك إعطاء صورة واحدة للتعذيب من بين آلاف أو عشرات الالاف من الصور الحقيقية وحالات التعذيب التي تجري داخل السجون والمعتقلات السرية والعلنية.
وبسهولة يمكن التعرف على ذلك، من خلال التوقف عند المحطات الثلاث ، التي سربت الإدارة الأميركية في 

العراق معلومات أو أعلنت بنفسها عن تلك السجون، والتعذيب الذي يتعرض له العراقيون بداخلها على أيدي الجلادين الأميركيين ، أو الذين دربتهم قواتها من العراقيين لممارسة أبشع أنواع التعذيب، وفي كل مرة نجد ان الضوء يتم تسليطه على زاوية صغيرة واحدة، وكأنها الوحيدة في العراق، فعندما جرى تسريب صور التعذيب للمرة الاولى الى الصحافة الأميركية وتبناها الصحفي (سيمورهيرش) في ابريل عام 2004، جرى الحديث وعلى نطاق واسع في جميع وسائل الاعلام الاميركية والعالمية، عن أشخاص عراقيين، لا يتجاوز عددهم أصابع اليد، تعرضوا للتعذيب على ايدي جلادين اميركيين، لا يتجاوز عددهم ايضاً اصابع اليد، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن، لا يتحدث العالم، إلا عن تلك الواقعة، بمعنى انه لم يتعرض من العراقيين للتعذيب البشع، إلا اصحاب الصور، الذين لم يصل عددهم إلى العشرة أشخاص، في حين وصل عدد أماكن الاحتجاز والاعتقال في ذلك الوقت وبعد عام واحد من الغزو إلى اكثر من 45 سجنا بين سجن كبير وصغير، يوجد بداخلها عشرات الالاف من رجال ونساء العراق، وجميع هؤلاء وبدون استثناء كانوا يتعرضون للتعذيب، وبعد ان اخذ العراقيون يتحدثون عن هذا الجحيم الأميركي داخل المعتقلات، فاستبقوا أية تسريبات وأخرجوا القصة المعروفة التي اختصرت كل ذلك العدد الهائل من الجرائم والمجرمين بقصة واحدة من آلاف القصص في (ابو غريب) لوحده وكأنه لا يوجد سواها في العراق.
في الواقعة الثانية وأقصد بها (سجن ملجأ الجادرية)، التي تم الكشف عنها بمسرحية مفضوحة للقوات الاميركية في نوفمبر 2005، فلا يختلف الامر عن القصة الاولى، فقد كانت قوات وزارة الداخلية تعتقل عشرات الالاف من العراقيين، هذا طبعاً اضافة الى الذين تعتقلهم القوات الاميركية والبريطانية، وانتشرت في العراق السجون الحكومية على نطاق واسع في عهد ابراهيم الجعفري، ولأن فضائح التعذيب بالمثقب الكهربائي وتقطيع اوصال الجسم قد شاعت بين الناس وعلى أوسع نطاق، فقد اخرجت القوات الأميركية مسرحية العثور على (ملجأ الجادرية) وأعلنت عنه، وكأن ما يجري من تعذيب وانتهاكات خطيرة محصور في (الجادرية) فقط ،وما زال الحديث يجري عن جريمة (ملجا الجادرية) فقط وكأنها الجريمة البشعة الوحيدة ،في حين كان عشرات الالاف تحت سياط جلادي الحكومة العراقية.
ولا يختلف الامر على الإطلاق في قصة سجن (مطار المثنى)، وتجد الجميع يتحدث عن عدة مئات من المعتقلين في هذا السجن السري، في حين يغيب أي حديث عن مئات الالاف من ابناء العراق، تمارس الاجهزة الامنية التابعة لنوري المالكي، ابشع انواع التعذيب في جميع المعتقلات العلنية إضافة إلى أكثر من 400 سجن سري.
لهذا فإن الطريقة واحدة في الحالات الثلاث، والتعتيم يجري دائماً على مئات الالاف من ضحايا السجون الحكومية والاميركية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.