فضائح أمن الدولة هل تقوم لها قائمة بعد تلك الفضائح المعروفة والغير معروفة
فضائح أمن الدولة هل تقوم لها قائمة بعد تلك الفضائح المعروفة والغير معروفة
فضائح أمن الدولة هل تقوم لها قائمة بعد تلك الفضائح المعروفة والغير معروفة
من قتل المصريين بشكل منظم، وأهدر كرامتهم، واستباح حرماتهم، واعتقل الآلاف منهم على مدار 30 عامًا ..كل هذه الجرائم هل تاب منها جهاز أمن الدولة بين يوم وليلة، وبعد 35 يومًا كاملة من ثورة عارمة شملت القطر المصري كله من شماله لجنوبه ومن شرقه لغربه، ليحرق مستنداته وملفاته ويسلم مقاره بكل هذه السهولة؟! أم أنها تمثيلية مكشوفة نوى الجهاز فقط التخلص من وثائقه التي تدينه؛ ليتقاطر على هذه المقار المئات والألوف من شباب الثورة، ويعثروا على أكوام من الورق المفروم (في الغالب أنها ورق أبيض)، وأكوام أخرى من الورق المحروق، أو نصف المحروق، وآلاف أخرى من الوثائق والملفات، التي لم يهمل الضباط حظهم العاثر في القضاء عليها!
!
لا يستقيم الحديث عن هذا الملف، إلا في سياق، أنه لما اتضح أن الثورة المصرية عازمة حقا على التطهير، وذلك باستمرار المظاهرات جمعة بعد أخرى، وصلت ذروتها قبل استقالة حكومة شفيق أن عاد المعتصمون مرة أخرى إلى ميدان التحرير، ليواصلوا مشوارهم الذي بدأوه ولم تمكنهم حكومة شفيق من جني أي ثمار له، على مدار شهر كامل، وأنه فيما تأكد من أخبار متواترة، لا ينقص من يسمعها الحكمة ليستدل منها على ما حدث ودبر بليل، أن في أحد المباني المعروف تبعيتها لجهاز أمن الدولة، كانت عربات إسعاف وعربات نقل "مغلقة"، تأتي إلى هذا المكان لتفرغ محتوياتها في حفرة معدة وسط فناء هذا المبنى، حيث يتم إلقاء كميات الورق والأشرطة والملفات وخلافه، لتضرم فيها النيران، وذلك على مدار عدة أيام متتالية من أجل اخفاء جرائم أمن الدولة !! ويمكننا الآن أن نجزم بيقين إلى أين ذهبت ملفات الكبار من عتاولة الحزب الوطني وسدنة حكم مبارك، والذين يدين أكثرهم بالولاء لهذا الجهاز الخبيث، بل منهم من خدم فيه عقود وفاحت رائحتهم العفنة على مستوى مصر كلها، فما كان من مبارك إلا أن اتخذهم بطانة له!!
لمحة تاريخية
كان أول ظهور لجهاز أمني رهيب يقمع الناس ويرهبهم في بيوتهم ومحالهم وحتى في شوارعهم، كان في ذروة الاحتلال الإنجليزي لمصر، حينما تم إنشاء جهاز خاص بالأمن السياسي، بهدف تتبع الفدائيين والمقاومين للاحتلال، في عام 1913، وتم تسميته بـ "القلم السياسي"، والذي يعد أقدم جهاز من نوعه في الشرق الأوسط، استعان الاحتلال الإنجليزي في إنشائه ببعض ضباط البوليس المصري، المشهود لهم طبعًا بـ "الوطنية" على الطريقة الإنجليزية، وتولى إدارته لأول مرة اللواء سليم زكي حكمدار القاهرة، الذي كانت تربطه صلات عدة بالمحتل، أقلها أنه كان يتلقى الأوامر المباشرة من اثنين لا ثالث لهما، ملك البلاد والحاكم العسكري الإنجليزي.
جاءت ثورة يوليو، لكنها فشلت في التعامل الأمثل مع هذا الجهاز السري، فظلت معظم آليات العمل "المشبوه" في قسم "القلم السياسي" هي هي، بل زاد الطين بلة عندما زاوجت الثورة بين هذا الجهاز القديم بجهازها الجديد الذي أقامته حكومة الثورة في أغسطس 1952 تحت اسم "المباحث العامة" .
استمرت آليات عمل "المباحث العامة" كجهاز قمعي لحماية النظام الديكتاتوري الذي دشنته ثورة يوليو على يد مجموعة من الضباط، وكان عمله الأساسي هو إضعاف المعارضة السياسية بكل أشكالها، وحماية النظام السياسي القائم، كل ذلك تحت ستار وشعار حماية الأمن المصري، ومحاربة الإرهاب والتطرف وكل ما يهدد الأمن المصري.
ظل الجهاز على حاله، إلى أن انفرد الرئيس أنور السادات بحكم مصر، بعدما أطاح بكل معارضيه، وكان ذلك بفضل هذا الجهاز "الخبيث"، وهو ما جعل السادات ينعم عليه أكثر وأكثر، ويضفي عليه اسما جديد هو "مباحث أمن الدولة"، وكان هذا هو الاسم الأخير أو الابن الغير شرعي لجهاز سيء السمعة هو "القلم السياسي"، الذي تلقاه الرئيس السابق حسني مبارك على طبق من ذهب ليستعمله في كل الأعمال المنافية للإنسانية والعدالة والحرية.
شيء من الحقيقة
على الرغم من سعادة المصريين بسقوط أمن الدولة، أو على الأقل بسقوط مقاره، بعد مطالبات عديدة للثوار المصريين بحل هذا الجهاز الخبيث، أو في أدنى طلباتهم المشروعة بإعادة هيكلته من جديد، وتحديد مهامه بشكل لا يقبل اللبس أو اللعب بمقدرات وأمن هذا الشعب.
بيد أن كثير من الآراء المعتبرة تؤكد أن سيناريو سقوط مقار أمن الدولة ـ على النحو الذي حدث والذي لم يخلو من عنصر التزامن في تصاعد الدخان من معظم مقاره على مستوى الجمهورية في وقت واحد تقريبا من يوم السبت الماضي، وهو غداة يوم تاريخي شهد مجيء رئيس وزراء مصر إلى الجماهير "لايف" وعلى الهواء، ليقوم الناس بمبايعته، فيما اعتبر حدث تاريخي، لم يُشاهد مثله منذ قرون، ليس على المستوى المصري فقط، وإنما على مستوى الأمة العربية والإسلامية باتساع رقعتهما المكانية والتاريخية ـ ما هو إلا خطة جديدة لشغل الرأي العام في مصر، وصرفه عن مكتسبات ثورته الحقيقية، من متابعة قضايا الفساد الكبرى، لرؤوس النظام البائد، ومتابعة تحقيقات قضاياهم المشتعلة في المحاكم المصرية، والتي تطلبت إعلان حالة استنفار كبرى في أروقة المحاكم المصرية، لملاحقة ملفات فسادهم التي لا تنتهي بل وملاحقة فلولهم التي لا حصر لها ولا مثيل؛ إلى متابعة أوكازيون عام للفضائح، دُبر بليل ليكون السبيل الأمثل لاستعادة دور "جديد" مفقود لأمن الدولة، يعززه ثقافة نظام بائد استولى على مقدرات المصريين لعقود طويلة، للعب على وتر (قديم/ جديد)، هو إلهاء هذا الشعب وتلك الثورة وهؤلاء الشباب عن ثورتهم الحقيقية، في مجموعة من الوثائق الفضائحية، لبعض الشخصيات العامة والخاصة، ليعلن الناس بعضهم بعضا ويكفر الناس بعضهم بعضا، وفي النهاية تذهب ريحهم ..
ولكن كثير من المصريون يتساءلون الآن: ألا يبحث جهاز أمن الدولة "الساقط" عن دور له، بعيدًا عن مقدرات هذا الشعب الذي عانى عقودًا من القمع والذل والطغيان، وليتعلم أن يعمل عملاً واحدًا وطنيًا ولو لمرة واحدة في تاريخه "المخزي"، وهو أن يذهب إلى الجحيم غير مأسوف عليه
فضائح أمن الدولة هل تقوم لها قائمة بعد تلك الفضائح المعروفة والغير معروفة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.